رغم اهتمامي وشغفي الكبيرين بويكيبيديا، ورغم انتمائي لأسرة التعليم، لم تخطر على بالي فكرة اعتمادها داخل الفصول الدراسية كجزء من تدبيري للدرس، إلا مع هذا البرنامج “قراءة ويكيبيديا في القسم“، وذلك نظرا لصعوبة اعتمادها كأداة بيداغوجية دون إخضاعها لنقل ديداكتيكي شامل، الأمر الذي تمت دراسته وإنزاله من طرف فريق التعليم بمؤسسة ويكيميديا من خلال الدلائل الثلاث للبرنامج بشكل جد احترافي، يشجع على اعتماد ويكيبيديا داخل الفصول دون تخوف كوسيلة جد فعالة لمحاربة الأمية الإعلامية والمعلوماتية
اهتمامي بويكيبيديا وانتمائي لمجال التعليم، ورغبتي في تطوير مجال الوعي الإعلامي والمعلوماتي، كلها أمور جعلتني أرحب بفكرة المشروع بشغف كبير، حيث بدأت أشتغل مع الفريق على تقديم طلب دعم متكامل، حاولنا فيه التطرق لجميع الجوانب الأدبية والمالية، اشتغالي حول هذا الطلب الذي امتد اعداده لحوالي ثلاثة أشهر، كان دافعه الأساسي هو الشغف والحب، لما كنت أتطلع إليه من خلال هذا المشروع من مستقبل مزهر للمغرب في مجال المعلومة والمعرفة الحرة، وما قد يلعبه البرنامج في نقل شغف نشر المعرفة وتمثيل الأقليات الثقافية بالمغرب بشكل أفضل
فريق التعليم الخاص بمؤسسة ويكيميديا منحنا الحرية في اختيار صيغة التكوين وبعض حيثياته، ما جعل المسؤولية الملقاة على عاتقنا أكبر، فكان لزاما علينا رفع التحدي، والحفاظ على صدارة المغرب في هذا البرنامج الطموح، لكن بحكم تداعيات فيروس كوفيد 19 حينها، لم نكن نملك خيارات عدة غير الاحتفاظ بصيغة التكوين عن بعد، فرفعنا التحدي إلى 200 مشارك ومشاركة تم انتقائهم من بين حوالي 800 منخرط ومنخرطة
بعد انطلاق التكوين، وخلال الحصة الأولى الافتتاحية، خيم علي بعض التوتر، بحكم أن الانطباع الأول له دور كبير في تحديد نجاح التدريب من عدمه، لكن لحسن الحظ أن جميع الأمور جرت بشكل جيد رغم حدوث عطب تقني صغير في البداية، وتم تقديم البرنامج وأهدافه وصيغته حسب ما يناسب خصوصيات الأساتذة، لننطلق بعدها ولمدة 6 أشهر في متابعة المشاركين على مجموعة الفيسبوك، للحرص على انجازهم الأنشطة التفاعلية المطلوبة خلال كل محور، وحرصا على حسن استيعابهم للأفكار الواردة في الدلائل. بعض المشاركين كان التعامل معهم سهلا، حيث استشعرنا من خلال اجاباتهم حس مسؤوليتهم وجديتهم في العمل، وأيضا حسن استيعابهم للمضامين والمهارات المُدرسة، في حين أن البعض الأخر، كان يتفاعل هو الأخر بشكل جيد وسريع، لكن طبيعة التفاعل لم تكن توحي بالاهتمام والاستيعاب الجيد للوحدات، حيث كانت اجاباتهم فقيرة نوعيا وكميا، وكنا نحاول تنبيههم أحيانا حول ضعف إجاباتهم أو خروجها عن السياق، في حين كان نوع أخر من المشاركين، لم يستوعبوا طريقة عمل أداة التدريس على مجموعة الفيسبوك رغم مشاركتنا معهم شريط فيديو توضيحي، هؤلاء اضطررنا للتواصل معهم بشكل شخصي، وأحيانا اعتماد طرق أخرى لتحفيزهم على التفاعل. صادفنا نوعا آخر من المشاركين أيضا، وهو النوع الذي يحب أن يُكدس العمل حتى أخر لحظة وانجازه دفعة واحدة، لم نكن نشجعهم على هذه الطريقة، لكنهم كانوا مصرين عليها، وبعضهم كان عملهم جيدا رغم ذلك. في الأخير صادفنا نوعا من المشاركين لا يتفاعلون بالمرة، رغم تواصلنا الدائم معهم، ورغم تأكيدهم لرغبتهم في المشاركة بداية، هؤلاء كان علينا احترام رغبتهم في الأخير
بعد انتهائنا من التكوين الذي دام ل 6 أشهر، جاءت المرحلة الحاسمة وهي التقييم، حيث حصلنا على حوالي 60 تقييما للتدريب من طرف المشاركين، تبين من خلالها نجاح عملنا في نشر الوعي المعلوماتي بين المدرسين والمدرسات، وإثارة اهتمامهم بويكيبيديا كمحررين، أو كمنشطين لورشات التحرير داخل المؤسسات.
من أجل تعميق التواصل مع العناصر المتميزة خلال فترة التكوين الأساسي عن بعد، نظمنا لقاء حضوريا باسم “ورشة ويكيبيديا للتعليم“، جمعنا فيه 20 من أفضل العناصر التي شاركت معنا، من حيث التفاعل والنشاط وجودة الاجابات والحماس والالتزام بالحضور للحصص، هذه النخبة المميزة من الأساتذة والأستاذات التحقت بنا إلى الورشة نواحي مدينة أصيلة وهي متحمسة، من أجل هدف وحيد، تكثيف الجهود من أجل ابداع أساليب بيداغوجية جديدة لإدماج ويكيبيديا في القسم وعرضها امام لجنة التحكيم، حيث تم خلال مدة يومين تنظيم المشاركين في 4 مجموعات تتنافس فيما بينها لإنتاج أفضل عمل ابداعي، ما جعلنا نحصل على أعمال جد مميزة ستساعدنا في تحسين النسخة القادمة من البرنامج، وقد تم تشكيل لجنة تحكيم من المنظمين، وتتويج المجموعة الفائزة بجوائز رمزية، نجاح التكوين عن بعد ونجاح هذه الورشة، إضافة إلى القيمة المعرفية للجذاذات المنتجة، كلها أمور جعلتني أتنسف الصعداء، لتَيَقُنِي بنجاحنا في تنزيل أهداف التدريب الذي أخذنا مسؤوليته على عاتقنا، واكتسبنا من خلالها تجربة استثنائية
المرحلة الثالثة والأخيرة من التدريب، والتي حملت اسم ” المخيم التدريبي قراءة ويكيبيديا في القسم“، وكانت عبارة تكوين مكثف لمدة أربعة أيام لفائدة 20 أستاذا واستاذة، أعددنا من أجله عروضا موجزة حول مختلف محاور الوحدات، وكان على المشاركين في الأخير انجاز مهام نهائية وعرضها أمام زملائهم، حيث استمر العرض إلى حدود الساعة الثانية ليلا، دون أن أشعر بالتعب، لما بثته تلك الأعمال في نفسي من حيوية وفرح نظرا لجودتها العالية مقارنة بمدة التكوين القصيرة، ما جعلني استشرف مستقبلا زاهرا لهذا البرنامج بالمغرب تحت تسيير هذا الفريق المميز الذي اشتغلت معه
نجاح هذا اللقاء الذي امتد بمرحلتيه لمدة 6 أيام، والذي أطلقنا عليه اسم “الأيام التعليمية لويكيبيديا بالمغرب”، لم يأت من فراغ، حيث كان علينا تجهيز المنتجات الموجهة للطباعة، فقد اشتغلنا ساعات مطولة للخروج بتصميمات جيدة، وضبط الجانب المتعلق بالتسيير المالي، وقد كان علي التواصل مع المطبعة والحرص على استيعابهم لأفكارنا، والتحقق من جودة الطبع، الأمر الذي جعلني أتنقل لمدينة الدار البيضاء لإنجازه، في حين وجدنا صعوبة في حجز مكان للتكوين خلال الفترة الصيفية، حيث زرت أزيد من 10 إقامة وفندق بمدينة المحمدية والصخيرات وتمارة ومكناس، قبل أن أجد مكانا مناسبا بمنطقة بريش نواحي أصيلة، وهو عبارة عن معرض للفن التشكيلي وإقامة فنية في الأن ذاته على شاطئ المحيط الأطلسي، وبحكم أن هذه الإقامة لا توفر خدمة التغذية، كان لزاما علي بحكم قربي من المكان، التنسيق معا مطعم قريب في المنطقة من أجل توفير التغذية، وقد كان تعاملي مع صاحب المطعم في غاية السلاسة، بعدها مررنا لمرحة التواصل مع المشاركين وتأكيد حضورهم للورشة التكوينية، أما بخصوص المخيم التدريبي، فقد انتقلت لمدينة الحاجب من أجل عقد شراكة مع المديرية الإقليمية للتعليم للحاجب كأول شراكة رسمية مع وزارة التعليم، حيث وفروا لنا 20 أستاذا واستاذة من إقليم الحاجب لتلقي التكوين، فكان علي التنقل ثانية الى مدينة مكناس لتوفير نقل مريح لهم ينقلهم من مدينة الحاجب إلى مدينة أصيلة، وقد كان إيجاد النقل سهلا نوعا ما، لكن إيجاد نقل بثمن يناسب مواردنا المالية كلفني جهدا، كل هذا الجهد والتعب
تبدد في الأخير كل التعب حين رأيت ابتسامة الفرح في أعين المشاركين والمشاركات وتقييهم الإيجابي للحدث، ورغبتهم الغامرة في المشاركة في أي لقاء ينظمه فريقنا
منير ندي – عن الفريق التنظيمي لبرنامج قراءة ويكيبيديا في القسم بالمغرب
Can you help us translate this article?
In order for this article to reach as many people as possible we would like your help. Can you translate this article to get the message out?
Start translation