مراجعة الدعاوى القضائية لمؤسسة ويكيميديا ​​لعام 2024: الدفاع عن مشاريع ويكيميديا ​​ومتطوعيها في المحكمة، وتشكيل مستقبل الإنترنت

Translate this post

تضمنت مشاركة مؤسسة ويكيميديا في القضايا القانونية خلال عام 2024 قضايًا بصفتها مُدعى عليه، وجهودًا حثيثة من خلال دعاوى التأثير (أي الدعاوى التي تهدف إلى إحداث تغيير قانوني يخدم المصلحة العامة). وتسعى المؤسسة عالميًا إلى إيجاد فرص لحماية المعرفة الحرة قانونيًا، ولمتطوعي ويكيميديا الذين يساهمون بها، ولتوضيح المواد التي تُعدّ جزءًا من المعارف المشتركة. تُسلّط هذه التدوينة الضوء على بعض أعمالنا خلال العام الماضي لحماية المعرفة الحرة والمفتوحة على نطاق واسع، ولمتطوعي ويكيميديا ومشاريعها على وجه الخصوص.

A photograph of the Justice statue by John van Nost the Younger on the Gates of Fortitude and Justice at Dublin Castle
تمثال العدالة للفنان جون فان نوست الأصغر على بوابات الثبات والعدالة في قلعة دبلن.
صورة لجان هيرم يانسن، CC BY-SA 3.0، عبر ويكيميديا ​​كومنز.

تتمثل مهمة مؤسسة ويكيميديا في تمكين الناس حول العالم وإشراكهم بهدف تطوير محتوًى موسوعيٍ حر ومفتوح للجميع في كل مكان، للوصول إليه ومشاركته. ومن طرق تعزيز هذه المهمة العمل على تحسين القوانين واللوائح التي تُمكّن من استضافة ويكيبيديا ومشاريع ويكيميديا المعرفية الحرة الأخرى، بالإضافة إلى تلك التي تُمكّن مجتمعات متطوعي ويكيميديا من التعاون والمساهمة بفعالية في هذه المشاريع.

هناك طريقتان رئيسيتان تسعى من خلالهما جهودنا في التقاضي إلى ضمان حماية البيئة القانونية وتعزيز المساهمات في المعرفة الحرة والمفتوحة، ونموذج الحوكمة المجتمعية وتعديل المحتوى الخاص بالمشاريع. أولًا، بصفتنا الجهة المضيفة للمشاريع، نستجيب للمطالب القانونية المتعلقة بها للدفاع عنها. ثانيًا، نشارك في التقاضي المُستهدف ذي التأثير، وهو تقديم ملفاتٍ قانونية استراتيجية تُسهم في إحداث تغيير قانوني يخدم المصلحة العامة، مثلًا من خلال تقديم مذكرات «صديق المحكمة» في دعاوًى قضائية مهمة تُشكّل سابقة قانونية، والتي تُعنى بأطراف ثالثة حول العالم، وقد تؤثر على محتوى المشاريع أو متطوعيها. تشرح هذه التدوينة الاستراتيجية التي نتبعها في جهودنا القضائية، في وقتٍ تُظهر فيه الدعاوى القضائية التي شاركنا فيها، بشكلٍ عام، صورةً أكثر تعقيدًا للبيئة القانونية التي شهدناها في الماضي.

نشهد حاليًا اتجاهًا متزايدًا نحو الرقابة الحكومية وتطبيق قوانين تُشكِّل تحديًا لمفهوم الإنترنت الحرّ والعالمي والمفتوح. وقد بدأ هذا الاتجاه يُغيِّر أنواع المطالبات القانونية المُقدَّمة إلى المؤسسة وتوقعات الدول حول العالم: ليس فقط للمؤسسة، بل لجميع مُضيفي المنصات. في عام 2024، انخرط قسمنا القانوني في دعاوًى قضائية، سواءً مُدَّعى عليه أو طرف ثالث، مُشاركًا في دعاوى التأثير على الصعيد العالمي. وقد انخرطنا في مجموعة من القضايا التي تُغطِّي حماية مسؤولية الوسيط، والتشهير، وحرية التعبير، والحق في الخصوصية. ويشمل ذلك بعض القضايا التي نعتقد أنها تُصنّف ضمن الدعاوى القضائية الاستراتيجية ضد المشاركة العامة (SLAPPs)، وهي دعاوى مُصمَّمة لفرض رقابة على المعلومات المتعلقة بمسائل مشروعة ذات مصلحة عامة، من منظورَي التأثير والتقاضي الدفاعي. محاولتنا في كل هذه الحالات هي حماية وتعزيز حرية التعبير، والمصلحة العامة من خلال مشاريع ويكيميديا ومنصات المصلحة العامة التي يقودها المجتمع، وفوائد نظام بيئي موثوق ودقيق للمعلومات عبر الإنترنت.

الدفاع عن مشاريع ويكيميديا ​​ومتطوعيها، وصياغة القوانين لحماية المعرفة الحرة وتعزيزها

الدعاوى الدفاعية: حماية مشاريع ويكيميديا ​​ومتطوعيها في المحكمة

تولي المؤسسة ومجتمعات متطوعي ويكيميديا اهتمامًا بالغًا لضمان عدم خضوع مشاريع ويكيميديا للمطالبات القانونية. ومع ذلك، قد تُرفع دعاوى قضائية بناءً على محتوى المشاريع. عندما تصلنا دعاوى قضائية من أي مكان في العالم، نتولى إجراءات دفاعية لحماية المشاريع والأشخاص الذين يُحررونها بحسن نية. كما نبحث عن سبل لتوضيح القانون لمساعدة المتطوعين، أينما كانوا، على فهم المواد المتاحة كمعرفة حرة والمواد التي قد تكون مقيدة أو غير قانونية.

عندما نتلقى قضية جديدة، نسعى دائمًا إلى التأكد من فهمنا للمحتوى محل النزاع، لأنَّ جودة العمل الذي يقوده المجتمع عنصر أساسي في حماية المشاريع. مثلًا، عندما تُكتب أجزاء مثيرة للجدل من مقالة على ويكيبيديا بما يتماشى مع سياسة مجتمع المتطوعين من وجهة نظر محايدة ومدعومة بمصادر موثوقة، تكون المؤسسة عادةً في وضع جيد للدفاع عن كلٍ من المحتوى والأشخاص الذين كتبوه. من ناحيةٍ أخرى، إذا لم يُوثّق العمل أو كانت مصادره غير دقيقة، فنادرًا ما تكون المؤسسة قادرة على التحقيق فيه بشكلٍ مستقل وإثبات دقته، مما يُصعّب الدفاع عنه.

وبالمثل، إذا كان المحتوى على ويكيبيديا، أو ويكيميديا كومنز، أو ويكي بيانات، أو غيرها من المشاريع يُقدّم تفاصيل عن الحياة الخاصة لشخصٍ ما، فمن المهم أن نُثبت قيمته للجمهور. لذلك، من الضروري أن تُواصل المجتمعات التطوعية تحديد ومناقشة وتطبيق معايير متوازنة حول الاحترام المُتناسب للحياة الخاصة (مثلًا، على ويكي بيانات وويكيبيديا الإنجليزية)، والقيمة التعليمية للمحتوى، واستخدام صور لأشخاص يُمكن تحديد هويتهم، كما فعلوا بنجاح على مدار الأربع والعشرين عامًا الماضية. وخصوصًا، حيث يتم إجراء تقييمات مجتمعية قوية وعادلة في العلن، مثل صفحات النقاش وفي مناقشات الحذف، سيتمكن محامو المؤسسة من إظهار لخصومنا القانونيين والسلطات التنظيمية والقضاة أنَّ الخصوصية والمصلحة العامة قد قُيمّت بشكلٍ شامل بالفعل، وأنه في المجمل، يجب أن يحمي القانون مساهمات متطوعي ويكيميديا.

الدعاوى القضائية في عام 2024

على مدار العام الماضي، تعرّضت المؤسسة للعديد من الدعاوى القضائية والمطالبات القانونية. تُظهر تقارير الشفافية التي نصدرها عدد المطالبات القانونية التي نتلقاها، مع الفصل بين تلك المتعلقة بالمحتوى وتلك المتعلقة ببيانات المستخدمين. وبينما لا تُفضي الغالبية العظمى من الشكاوى القانونية المُقدّمة إلى المؤسسة إلى دعاوى قضائية، فقد بدأ الوضع القانوني لاستضافة منصة يشهد تغيرًا ملحوظًا. يُسهم نموذج ويكيميديا بشكلٍ كبير في حل المطالبات القانونية، إذ يُمكننا تثقيف المُعارضين المُحتملين حول العمليات التي يقودها المجتمع لمعالجة مخاوفهم، مثل مُعالج طلبات التعديل على ويكيبيديا الإنجليزية، وفي بعض الأحيان، يُمكننا حتى إحالة الشكوى مُباشرةً إلى أعضاء المجتمع نيابةً عن مُقدّم الطلب. يُمثّل عدد قليل من الحالات التزامًا قانونيًا واضحًا على المؤسسة، مما يؤدي إلى تلبية بعض المطالب القانونية وفقًا لما يقتضيه القانون. حتى الآن، لا يُفضي سوى عدد قليل من الشكاوى سنويًا إلى دعاوى قضائية.

من المهم الإشارة إلى أنَّ بعض الدعاوى القضائية الدفاعية لا يُمكن مُناقشتها علنًا: وهذا يختلف باختلاف المعايير المُتبعة في الدول المختلفة وطبيعة القضية. مثلًا، قد تكون قدرة المؤسسة على تكرار الاتهامات التي سبق أن قضت المحكمة بأنها تشهيرية محدودة، أو قد لا تتمكن من مناقشة تفاصيل القضايا التي لا تزال قيد التقاضي. لحسن الحظ، هناك بعض القضايا التي يمكننا من خلالها تسليط الضوء على بعض الانتصارات الرئيسية التي تحمي المشاريع والمتطوعين.

حققت المؤسسة عدة انتصارات قانونية في ألمانيا عام 2024. ربحنا قضية خصوصية ضد أحد أقطاب المقامرة الأثرياء، والذي حاول، فيما نعتبره دعوى قضائية استراتيجية ضد المشاركة العامة (SLAPP) واستنادًا إلى ادعاءات غامضة بضرر محتمل، توسيع نطاق قوانين الخصوصية الألمانية والأوروبية بشكل كبير لإجبارنا على حجب الإشارات الواقعية والمحايدة إليه من ويكيبيديا. ربحنا أيضًا قضية رئيسية ستثني الناس في جميع أنحاء العالم عن محاولة استغلال قواعد التشهير الألمانية الصارمة، فيما نعتقد أنه إحدى قضايا «التلاعب القضائي» القليلة الواضحة التي واجهناها مؤخرًا.

«التلاعب القضائي» هو محاولة اختيار محكمة في ولاية قضائية قد تكون قوانينها أكثر ملاءمة للمدعي. لقد هزمنا قضية أخرى مماثلة في المملكة المتحدة، رفعها محامٍ سابق، خسر دعوى التشهير التي رفعها ضدنا في المحكمة العليا لإنجلترا وويلز، ثم حاول استئناف القرار. رفضت محكمة الاستئناف محاولته رفضًا قاطعًا في مارس 2025 وأيدت حكم المحكمة العليا، بما في ذلك نتيجة مهمة: لا يزال بإمكان قاعدة قانون التقادم لمدة 12 شهرًا حماية مقالات ويكيبيديا التي حُررت أو استرجعت طالما أنَّ النتيجة لا تزال «متطابقة جوهريًا» مع المقاطع المتنازع عليها التي كُتبت لأول مرة قبل عام. أعلن اللورد القاضي واربي أنَّ العديد من جوانب قضية المحامي السابق «لا أساس لها على الإطلاق»، وحذّر من أنَّ المدعي قد يتلقى أمرًا تقييديًا مدنيًا إذا هدد برفع دعاوى أخرى لا أساس لها.

كما حققنا بعض النجاحات الرئيسية المتعلقة ببيانات المستخدمين هذا العام، على الرغم من أننا لا نكتب بشكلٍ فردي عن هذه القضايا لتجنب إثارة التكهنات أو محاولات تحديد هوية المستخدمين من خلال تفاصيل القضايا. بشكل عام، واجهت المؤسسة قضيتين في اليابان نجحنا فيهما في حماية بيانات المستخدمين من الكشف عنها. وبالمثل، واجهتنا قضية في البرازيل نجحنا فيها في حماية بيانات المستخدمين من الكشف عنها. في الهند، توصلت المؤسسة إلى اتفاق في التقاضي لمواصلة القضية دون تقديم بيانات المستخدمين للطرف الآخر.

لا تزال قضية سيزار دو باكو في البرتغال، التي شهدت تباطؤًا كبيرًا في مسائل القانون البرتغالي أمام المحكمة العليا، مفتوحة، وتطرح مجموعة من القضايا المتعلقة بحماية خصوصية المستخدمين، بالإضافة إلى حماية استضافة المنصات. هذه قضية أخرى حددناها سابقًا محاولةً ضمن إطار الدعاوى القضائية الاستراتيجية ضد المشاركة العامة (SLAPP). في هذه القضية، تعمل المؤسسة على ضمان سلامة المحررين في العمل على تحسين السير الذاتية المهمة، بما في ذلك السير الذاتية للشخصيات السياسية والممولين.

وأخيرًا، في الهند، نجحنا أيضًا في السعي إلى رفض دعوى قضائية تتعلق بفيلم وثائقي لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) عن رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، لم يُنشر المحتوى المعني على ويكيبيديا أصلًا؛ بل وُجد رابط له كمصدر.

واجهنا أيضًا بعض الصعوبات خلال العام الماضي. ففي فرنسا، رُفعت علينا دعوتان قضائيتان خالفت فيهما المحاكم الفرنسية آراء المتطوعين الفرنسيين، مما دفع المؤسسة إلى حذف مقالتين بناءً على التزاماتنا القانونية بموجب القانون الفرنسي. وبدأنا أيضًا مناقشة كيفية التواصل مع المجتمع الفرنسي. ونشجع غالبًا مجتمعات المتطوعين المحلية على العمل على مواد قد تخضع للتقاضي: فالمجتمعات غالبًا ما تتمتع بخيارات ٍأكثر من المؤسسة إذا رغبت في العمل على مقالات تخضع لأوامر قضائية. مثلًا، قد يتوافق الحذف الجزئي وإعادة الكتابة الجزئية مع أمرٍ قضائي، بينما لا تُنشئ المؤسسة محتوى جديدًا للمقالات استجابةً لأمر قضائي، ولا يمكنها حذف أي مقال إلا بناءً على أمر قضائي.

لدينا أيضًا العديد من القضايا المنظورة حاليًا، والتي لم يُبتّ فيها بشكل كامل بعد. في الهند، لا تزال قضية «أنباء آسيا الدولية» (ANI) جارية، وقد أُجِّلت الجلسة التالية حتى مايو 2025. وفي إيطاليا، نرافع دعوى قضائية بشأن أمر «منع فهرسة» مقالة من ويكيبيديا تتعلق بعضو بارز في الفاتيكان اتُهم بحيازة مواد إباحية للأطفال. يُعد هذا الأمر بالغ الأهمية لتبادل المعرفة، إذ أصبح إلغاء الفهرسة نهجًا جديدًا يسعى من خلاله البعض إلى إخفاء المعلومات عن أعين العامة من خلال «الحق في النسيان»، بفكرة أنه إذا بُقيت المعلومات خارج نطاق البحث، فإنها تُصبح سريةً عن العامة، حتى لو بقيت منشورة في مكان ما. لدينا أيضًا بعض القضايا المفتوحة في فرنسا وألمانيا، وقضية أخرى بدأت في أوكرانيا وأُضيفت إلينا في منتصفها.

في هذه الأثناء، نراقب عن كثب موجة جديدة من قوانين «السلامة على الإنترنت» حول العالم، وهي مصممةٌ بنوايا حسنة، ولكنها غالبًا ما تكون غير ملائمة لتنوع الخدمات على الإنترنت. وحيثما تُمثل هذه القوانين تهديدًا لنموذج ويكيميديا، فمن المحتمل أن تحتاج بعض الأسئلة القانونية إلى إجابة من المحاكم.

التقاضي المؤثر: إحداث تغيير قانوني من أجل المصلحة العامة

تهدف الإيداعات القانونية الاستراتيجية التي تقدمها المؤسسة للمحاكم حول العالم إلى إحداث تغييراتٍ قانونية تخدم المصلحة العامة، بما يعزز ويحمي مشاريع ويكيميديا ومجتمعات المتطوعين المساهمة فيها.

تغطي مهمتنا جوانب قانونية مهمة عديدة، ولذلك تغطي مذكرات «أميكوس» التي نقدمها مجموعة واسعة من المواضيع. مثلًا، نسعى إلى ضمان بقاء المحتوى المُنشأ والمُشارك والمُنسّق والمُدار على الإنترنت متاحًا للمهتمين به. إضافةً أننا نسعى جاهدين لضمان عدم انتهاك القوانين واللوائح للحريات التي تحمي مستخدمي المشاريع أو قدرتهم على البحث ومشاركة المعرفة الحرة والمفتوحة. مثلًا، ندعو إلى عدم استخدام القوانين الجيدة لكبح حرية التعبير في دعاوى قضائية استراتيجية ضد المشاركة العامة (SLAPPs). وأخيرًا وليس آخرًا، نسعى جاهدين لضمان اتساق المعايير القانونية الجيدة، مثل حماية مسؤولية مُضيفي المنصات، في جميع أنحاء العالم، من أجل حماية المنصات المعنية فعليًا.

مذكرات صديق المحكمة في عام 2024

تُعدّ قضيتا «NetChoice, LLC v. Paxton and Moody v. NetChoice, LLC» من أهمّ القضايا الحديثة في الولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بنموذج حوكمة ويكيبيديا المجتمعي وتعديل محتواها، بالإضافة إلى الحق في حرية التعبير. في عام 2021، سنّت ولايتا تكساس وفلوريدا قوانين حكومية صُمّمت لتقييد قدرة منصات التواصل الاجتماعي على تطبيق سياساتها الخاصة بالمحتوى. جاءت هذه القوانين ردًا على قرارات تعديل محتوى بارزة اتخذتها منصات تواصل اجتماعي كبيرة، والتي زعمت الولايتان أنها تُشكّل رقابة على آراء بعض المستخدمين. قدّمت المؤسسة مذكرة صديق محكمة في نهاية عام 2023 إلى المحكمة العليا الأمريكية، حيث جادلنا بأنّ القوانين التي تُقيّد تعديل المحتوى المجتمعي من شأنها أن تنتهك حقوق متطوعي ويكيبيديا المنصوص عليها في التعديل الأول للدستور الأمريكي، وقد تُلحق الضرر بجودة ويكيبيديا وموثوقيتها بإجبارها على تضمين محتوى غير موسوعي.

في الوقت الحالي، لم تُحل المشكلة: ففي يوليو 2024، قررت المحكمة العليا أنَّ المحاكم الأدنى، عند إصدار أحكامها الأولى في القضايا، قد اتبعت نهجًا ضيقًا للغاية في النظر في التأثير الدستوري لهذه القوانين الولائية. وأعادت المحكمة القضايا إلى المحاكم الأدنى مع تعليمات بإعادة النظر فيها، أي بالضغط على زر إعادة الضبط. وقد أدى ذلك إلى توقف تطبيق القوانين حتى تُصدر المحاكم الأدنى حكمها عليها مرة أخرى.

قدمت المؤسسة مذكرة صداقة مشتركة مع المشاع الإبداعي (Creative Commons) ومشروع غوتنبرغ (Project Gutenberg) في دعوى قضائية أمريكية أخرى، تُعدّ أساسية لاستضافة محتوى المنصة: «Hachette v. Internet Archive.». اتهمت أربع دور نشر رئيسية أرشيف الإنترنت بتشجيع انتهاك حقوق النشر من خلال خدمة المكتبة المفتوحة. واستجابةً لجائحة كوفيد-19 التي أدت إلى إغلاق المكتبات والمكتبات التقليدية، قرر أرشيف الإنترنت إزالة قيود الإقراض على 1.4 مليون كتاب رقمي أعارها للجمهور. وجدت محكمة مقاطعة أمريكية خطأً في دفاع المنظمة غير الربحية بشأن الاستخدام العادل، مؤكدةً أن طلب أرشيف الإنترنت للتبرعات كان عاملًا جوهريًا بما يكفي للحكم بأنَّ الأعمال المحمية بحقوق التأليف والنشر قد استُغلت بطريقة أضرت بمالكي المواد المحمية بحقوق التأليف والنشر. وجادلنا بأن تفسير المحكمة للاستخدام العادل قد يُصنّف الاستخدامات الثانوية غير الربحية على أنها تجارية، مما يؤثر سلبًا على قدرة جميع المنظمات غير الربحية على استخدام المواد المحمية بحقوق التأليف والنشر، بما في ذلك ويكيبيديا. وبينما خسر أرشيف الإنترنت هذه القضية في نهاية المطاف، عندما أيدت محكمة الاستئناف الأمريكية للدائرة الثانية قرار محكمة المقاطعة، وجدت محكمة الاستئناف أن طلب التبرعات لا يُعد استخدامًا تجاريًا.

كما أوضحنا سابقًا، يُعد ضمان إمكانية الوصول إلى المحتوى الذي يهم الجمهور جانبًا من جوانب مهمتنا. لهذا السبب، وقّعنا مذكرة صديق محكمة مع بنترست وجوجل ومنظمة الأعمال التحويلية في قضية «Elliot McGucken v. Valnet» في أوائل عام 2024. في هذه القضية، اتهم مصور يُدعى إليوت ماكجوكين شركة فالنت، وهي شركة إعلامية ترفيهية، بتضمين بعض منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي والصور ذات الصلة في موقعها الإلكتروني للسفر. زعم ماكجوكين أن التضمين يُشكل انتهاكًا لحقوق التأليف والنشر لحقه الحصري في اختيار كيفية عرض صوره للجمهور بصفته مالك حقوق التأليف والنشر. وجادلنا بأنَّ الموافقة على طلب ماكجوكين من شأنها أن تُشوّه قانون حقوق التأليف والنشر بشكلٍ كبير: إذ ستُحوّل ملايين مُشغّلي المنصات إلى مُنتهكين، لأنها ستسمح لمالكي حقوق التأليف والنشر بمنع أطراف ثالثة من توجيه الجماهير إلى عمل مُعروض علنًا بالفعل على الإنترنت. خسر ماكجوكين القضية.

تمتد دعوى التأثير التي رفعتها المؤسسة خارج الولايات المتحدة أيضًا لتوضيح القوانين غير المؤكدة حول العالم. كما ذُكر سابقًا، يتمثل جانب آخر من مهمتنا في حماية حقوق وحريات مستخدمي المشروع في كل مكان في الوصول إلى المعرفة الحرة والمفتوحة ومشاركتها. في مايو 2024، وقّعت المؤسسة مذكرة صديق محكمة مع ويكيميديا فرنسا، طالبت فيها المجلس الدستوري الفرنسي بإبطال بعض مواد «قانون SREN الجديد» (تأمين وتنظيم الفضاء الرقمي). حتى قبل أن يصبح هذا القانون نافذًا قانونًا، أبلغت ويكيميديا أوروبا والمؤسسة المشرّعين الفرنسيين بأنه سيكون واسع النطاق بشكلٍ غير دستوري نظرًا لمتطلبات مثل: فترات الإزالة القصيرة غير المعقولة؛ وأوامر الحظر شبه العالمية (أي أنَّ الحكومة الفرنسية ستفرض عمليات إزالة في دول أخرى)؛ وخطر الغرامات الجنائية أو السجن لمشاركة محتوى قد يُسبب غضبًا أو إساءة. عاد المجلس الدستوري بقراره بعد فترة وجيزة، حيث أبطل عدة أجزاء من هذا القانون، بما في ذلك بند «الغضب أو الإساءة الرقمية».

تتضمن مهمتنا أيضًا تسليط الضوء على حالات إساءة استخدام القوانين الجيدة في الدعاوى القضائية الاستراتيجية ضد المشاركة العامة (SLAPPs) للحد من حرية التعبير، كما ذُكر سابقًا. انخرطت المؤسسة في قضية «Gisele Zuni Mousques v. Christian Chena» أمام محكمة العدل العليا في باراغواي في يوليو 2024. في هذه الدعوى، رفعت موسكيس دعوى قضائية ضد تشينا بتهمة انتهاك قانون باراغواياني يهدف إلى مكافحة التمييز على أساس الجنس بهدف محاولة إخفاء معلومات عامة صحيحة وواقعية عنها، مما يهدد حرية الآخرين في التعبير وإمكانية وصولهم إلى معلومات موثوقة ودقيقة. في مذكرة صديق المحكمة، التي وقعناها بالاشتراك مع TEDIC ومركز دراسات حرية التعبير والوصول إلى المعلومات (CELE)، جادلنا بأنَّ قاضي الصلح لم يكتفِ بالنظر في آثار الحكم على حقوق الإنسان المتعلقة بحرية التعبير والصحافة، بل لم يُطبّق أيضًا الاختبار المناسب لتحديد ما إذا كان تقييد حقوق الإنسان للطرف المتضرر مشروعًا. قد يؤثر الاختبار غير الصحيح لتقييد التعبير على العديد من القضايا المستقبلية ويحد من قدرة متطوعي ويكيميديا على مشاركة المعلومات العامة المهمة. لا تزال القضية تنتظر حكم محكمة العدل العليا.

وأخيرًا، وكما أوضحنا سابقًا، تتطلب مهمتنا ضمان استمرار تطبيق المعايير القانونية الجيدة والقائمة، مثلًا، تلك التي تحمي مزودي المنصات من المسؤوليات غير المبررة. قدّمت المؤسسة مذكرة صديق محكمة في قضية «Ulrich Richter Morales and Claudia Ramírez Tavera vs. Google Inc. and Google México» أمام محكمة العدل العليا المكسيكية في أغسطس 2024. في هذه القضية، رفع أولريش ريختر موراليس دعوى قضائية ضد جوجل لعدم حذفها منشورًا تشهيريًا مزعومًا على منصة بلوغر. وأكدنا على أهمية الحفاظ على الحماية الحالية التي يوفرها الإطار القانوني لمسؤولية وسطاء الإنترنت، نظرًا لأهميتها في التعاون والحياد لمنصات مثل ويكيبيديا. ولا تزال هذه القضية تنتظر قرارًا من المحكمة العليا المكسيكية.

الاستنتاجات

بشكلٍ عام، تُقدم هذه القضايا صورةً أكثر تعقيدًا للبيئة القانونية مما رأيناه في الماضي. فالمحاكم في العديد من الدول الكبرى مستعدةٌ لإصدار أحكامٍ على المؤسسة ومتطوعي ويكيميديا بناءً على مقالاتٍ تتناول سيرةً ذاتيةً لشخصياتٍ أو منظماتٍ بارزة في تلك الدول. إضافةً إلى ذلك، ازدادت القضايا تعقيدًا، إذ يُجادل بعض المُدّعين بأن حتى المعلومات الواقعية على ويكيبيديا ومشاريع ويكيميديا الأخرى قد تكون قديمةً جدًا، أو غير ذات صلة، أو غير دقيقة، أو حتى ناقصة، بحيث لا تسمح باستضافتها قانونيًا. أفضل ما يُمكن للمجتمعات فعله في هذا الصدد هو ضمان جودة المقالات وأهميتها للجمهور: فكلما اتضح أن المحتوى دقيقٌ وحياديٌّ ويخدم المصلحة العامة، كان دفاع المؤسسة أفضل لحماية المحتوى ورفض طلبات الكشف عن البيانات.


هذه ليست سوى بعض القضايا التي تُعنى بها مؤسسة ويكيميديا يوميًا. وتواصل المؤسسة والجهات الشقيقة لها وحلفاؤها القيام بدورٍ فاعلٍ في دعم رسالتنا المتمثلة في توفير محتوى تعليمي حر ومفتوح للجميع. إنَّ المشاركة الفعالة في التقاضي العالمي هي إحدى الطرق الأساسية التي نستخدمها لتحريك العالم نحو رؤيتنا المتمثلة في المعرفة الحرة والمفتوحة للجميع، في كل مكان.

Can you help us translate this article?

In order for this article to reach as many people as possible we would like your help. Can you translate this article to get the message out?