إستقاء المعلومات الشخصية: لماذا يجب أن نهتم؟

بالنّسبة للعديد منّا، يعد الاتصال بالإنترنت مجرد جزء من حياتنا اليومية. لا يدرك البعض منا حتى الفاصل بين الحياة عبرالإنترنت وخارج الشبكة في العالم الحقيقي لأن الإنترنت متأصل في المجتمع. نقوم بالكثير عبر الإنترنت؛ نشارك الصور والقصص وندير الشؤون المالية ونحضر الدروس ونساهم في مجمع معرفة العالم. كل هذه تبدو أموراً خاصة جدًا، ولكن يمكن أن تصبح عامة في الواقع. هل فكرت يومًا في مدى عمومية معلوماتك؟ في بعض الأحيان يكون الوصول إلى معلوماتك الشخصية أسهل مما تعتقد. قد يفتح لك ذلك المجال للتعرض للتشهير. لاحقًا في هذا المقالة، سوف نعرض المزيد من التفاصيل حول حملات التشهير/ إستقاء المعلومات الشخصية (doxing) .أولاً، دعنا نطرح بعض الأسئلة. جاوب بصدق.

ما مدى حذرك عندما تشارك تفاصيل شخصية عنك عبر الإنترنت؟

قد تفكر على الفور في تفاصيل الهوية الحكومية او البيانات الرسمية الخاصة بك كالأسم بالكامل أو العنوان أو تاريخ الميلاد. ولكن التفاصيل الشخصية تشمل أي شيء؛ من اسم مدرستك، إلى القطار الذي تأخذه إلى العمل كل يوم، أو حتى المكان الذي تفضل تناول القهوة فيه فى الصباح.

هل تستخدم اسمك الحقيقي؟

يمكن أن يكون اسمك الحقيقي أي جزء من اسمك أو اختصار.

هل اسم المستخدم الخاص بك تم إستعماله كأسم حساب لك على منصات مختلفة؟

ربما نكون قد فعلنا هذا في وقت ما. من السهل التشبث باسم المستخدم الذي نستعمله لأنه يصبح جزءًا من هويتنا علي الانترنت.

هل لديك صور يمكن التعرف من خلالها عليك على صفحة المستخدم الخاصة بك على ويكيبيديا أو الصفحات التي ترتبط بها؟

الأكثر من ذلك، ما هو النص التعريفي المرفق لتلك الصور؟ هل يلمحون إلى اماكن تتواجدت فيها أو منظمات تشتبك معها أو أنشطة انت جزء منها؟

هل عنوان بريدك الإلكتروني منشور بشكل علني؟

بوصفنا ويكيميديين، التعاون جزء من طبيعة عملنا. قد يبدو عنوان البريد الإلكتروني وسيلة مريحة لشخص ما للوصول إلينا. ولكن إذا قمت بإستخدام نفس عنوان البريد الإلكتروني على مواقع أخرى، فقد يتمكن الأشخاص من ربط وتجميع المزيد من المعلومات عنك.

كيف تبدو إعدادات الخصوصية لحساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي؟

هل تسمح لأي شخص ان يستخدم عنوان بريدك الإلكتروني أو اسمك أو رقم هاتفك للعثور عليك؟ هل تشارك هذه المعلومات في ملفك الشخصي مع أي شخص، حتى لو لم تكن متصلاً بالموقع؟

كم من السهل ربط حساباتك على الانترنت بشخصك فى العالم الحقيقي؟

إذا أجرى شخص ما بحثًا سريعًا على الإنترنت علي البيانات التى حصل عليها من صفحة المستخدم الخاصة بك علي Wikipedia، فهل يمكنه الحصول علي معلومات تخص منزلك اوعملك اوعائلتك؟

إذا لم تكن قد فكرت بالفعل في بعض هذه الأسئلة، فلا يوجد وقت أفضل للبدء من الآن. المساهمة في المعرفة فى مشاريع ويكيميديا من الاعمال المؤثرة في هذا العالم، ولذلك من الممكن ان تتعرض للمتابعة والتشهير.

منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، تم التشهير بأكثر من ستة أفراد من مجتمع ويكيميديا على قنوات Telegram مختلفة تابعة للموالين لبوتين. ومع ذلك، فإن عمليات استقاء المعلومات من أجل التشهير (Doxing) ليس بالأمر الجديد على المجتمع. ففي عام 2021، تتعرض ويكيميديون من البر الرئيسي الصيني تعرضوا للتشهير والتهديد لإجبارهم تبادل معلومات مع شرطة تخص أفراد من مجتمع الويكي في هونغ كونغ والذين يقاومون بالتحرير الروايات المؤيدة لبكين.

منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، تعرض أكثر من ستة أفراد من مجتمع ويكيميديا لحملات تشهير بالمعلومات الشخصية على قنوات شات الـ Telegram التابعة للموالين لبوتين. هذا مثال على عمليات استقاء المعلومات من أجل التشهير (Doxing) والتي ليست بالأمر الجديد على المجتمع. ففي عام 2021، ويكيميديون من البر الرئيسي الصيني تعرضوا للتشهير والتهديد من قِبل افرد الأمن بغرض إجبارهم علي افصاح بيانات تخص أفراد من مجتمع الويكي في هونغ كونغ والذين يعملون علي مقاومة الروايات المؤيدة لبكين من خلال التحرير. وفي المملكة المتحدة، مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كان هناك عدة محاولات لإستقاء المعلومات للتشهير بمحررين ويكيبيديا. وعلي الاخص، هناك منشور مدون مفصل من خمس خطوات بعنوان ‘كيف تشهر’ كُتب من قبل محرر ويكيبيديا الساخط على ما يبدو. ولذلك، الحماية مهمة!

إذن ، ما هو الاستقاء او التشهير “doxing”؟

استقاء المعلومات/Doxing هو شيء تريد تجنبه إذا كان ذلك ممكنًا، هو انتهاك خطير للخصوصية وشكل من أشكال الإساءة الرقمية. استقاء المعلومات هي العملية التى يقوم فيها شخص ما بجمع ونشر معلومات تعريف شخصية عن شخص آخر بقصد إحداث ضرر.

تتضمن المعلومات المنشورة، على سبيل المثال لا الحصر، الاسم الحقيقي للشخص ورقم الهاتف وعنوان البريد الإلكتروني وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي والصور الشخصية وتاريخ الميلاد وعناوين المنزل والعمل.  يستخدم مستقو المعلومات (Doxxers) مجموعة كاملة من الأساليب المترابطة، بدءًا من عمليات البحث البسيطة في Google إلى تمشيط الوسائط الاجتماعية إلى استخدام خدمات وسطاء البيانات. وكل دليل في عملية البحث يؤدي غالبًا إلى التالي والذي يساهم في النهاية بإنشاء ملف يحدد هويتك ومكان عملك وشكلك وسبل الاتصال بك.

كيف يمكن أن يؤثر الـ doxing على حياتك؟

تعتمد عواقب استقاء المعلومات الشخصية على العديد من العوامل؛ ما هي المعلومات وما مدي مشاركتها، والغرض من ذلك، وفي أي سياق، وما إلى ذلك. بأي حال، المعلومات الشخصية في أيدي الغرباء أمر سيئ، بغض النظر عن نواياهم . المشكلة الرئيسية في الـ doxing هو مدى سهولة القيام به. هناك الكثير من المعلومات الشخصية المتاحة على الإنترنت ومن  السهل العثور عليها بلا عاقبة لنشره معلومات بالفعل متاحة اونلاين. ولذلك، تذكر أن أي شخص، بما في ذلك أنت، يمكن أن يتعرض لحملة استقاء او تشهيير.

لماذا يجب أن تهتم؟

ويكيميديا هي منصة وحركة، ومبادىء الشفافية والانفتاح جزء من روحها. وبقدر ما هي تجربة فريدة من حيث التعاون في تنظيم مجمع معارف العالم، فإنها أيضًا تجعل الويكيميديين عرضة بشكل خاص لعمليات استقاء المعلومات. في حين أن المؤسسة لديها سياسة  صارمة للخصوصية وتأخذها على محمل الجد، فإن مشاريع ويكيميديا حسب التصميم ليست موجهة نحو الخصوصية. هناك سجل دقيق، مرئيًا لأي شخص يبحث، لكل إجراء تقوم به عبر المنصة. يعتبر السجل ارشيف مهم للمشروع التعاوني، ولكن قد يتيح ذلك فرصة لمخاطر اخري، خاصةً إذا حاول احدهم تحديد هويتك. في الواقع، هناك ثلاث ميزات للخصوصية يمكنك التحكم فيها بمفردك. أولاً، قرر إنشاء حساب باسم مستخدم من اختيارك لإخفاء عنوان IP الخاص بك، وثانيًا فكر مليًا قبل الضغط على زر “النشر”، وثالثًا تأكد من أن صفحة المستخدم الخاصة بك لا تحتوي على معلومات تكشف عن هويتك داخل وخارج الانترنت.

كحركة، نعمل معًا بشكل وثيق، ليس فقط عبر الإنترنت ولكن بشكل شخصي، مع أفراد مختلفين يمتلكون قيمًا ووجهات نظر وآراء متباينة يعملون معاً لتحديد ما هو متاح من معلومات في أكبر موسوعة في العالم. كواحد من أكثر المواقع زيارة على الإنترنت،منصة تمتاز بسهولة في الوصول الي المعلومات من خلال المساعدين الصوتيين واستخدام Wikimedia API، فإن مشاريع ويكيميديا مرتكزة على تناول العديد من الافكار في كثير من الموضوعات. هذا يضع الويكيميديين تلقائيًا في موقف هش وعرضه للإستهداف. يمكن أن تُستغل هذه الثغرات من قِبل أفراد من المجتمع انت على تواصل منتظم معهم، او لصالح سلطات اكبر غير مرتاحة لنشر المعرفة المحايدة والتي يمكن التحقق منها.

الخلاصة

وأخيراً، أفضل دفاع ضد حملات استقاء المعلومات هو أولاً قبول حقيقة أنه يمكن أن يحدث لك. ثانيًا، فهم واتخاذ خطوات للتقليل من معلوماتك الشخصية عبر الإنترنت. غالبًا ما يؤدي الـDoxing، علي اي حال، إلى جعلك عرضه أكثر للهجمات الرقمية ويحتمل ان يتصاعد لإمكانية الأذى الجسدي.

هذا جزء من سلسلة مدونة السلامة الرقمية لفريق حقوق الإنسان. انظر المشاركات الإضافية في هذه السلسلة. ترقبوا الجزء الثاني من هذه السلسلة، تتعلم من خلالها كيف يمكنك استقاء معلوماتك الشخصية حتي تمنع ذلك من الحدوث لك.