تحديث جمهور المستقبل: رؤى من استكشاف تطبيقات التواصل الاجتماعي وتشات جي بي تي وما نتعلمه عن قراء المستقبل

في يوليو/تموز من العام الماضي، أعلنّا عن”جمهور المستقبل“، وهي مبادرة جديدة أطلقتها مؤسسة ويكيميديا لاستكشاف كيف يمكننا الاستمرار في تلبية احتياجات الباحثين عن المعرفة والذين يشاركونهت للأجيال القادمة. يعدّ هذا المنشور تحديثًا لمنتصف العام حول ما تعلمناه من التجارب حتى الآن، وإلى أين نتجه بعد ذلك.

كيف ستتعلم الأجيال القادمة من ويكيبيديا وتساهم فيها؟ لا نعرف بعد – ولكن من خلال التجارب السريعة التي أجريناها على مدار العام الماضي، جمعت مؤسسة ويكيميديا رؤىً أكثر عمقاً حول كيفية استمرار ويكيبيديا في تلبية احتياجات الباحثين عن المعرفة والمساهمين الذين يشاركونها للأجيال القادمة، حتى مع استمرار تطوّر التكنولوجيا وسلوك المستخدمين عبر الإنترنت. تابع القراءة للتعرّف على ما تعلمناه من جولة تجاربنا الأولى (استكشاف تشات جي بي تي  ChatGPT وتطبيقات التواصل الاجتماعي)، وتجربة جديدة نخطط لها استناداً إلى هذه الدروس المستفادة تتعلق بتقييم النصوص عبر الإنترنت.

تذكير: ما المقصود بـ “جمهور المستقبل”؟

لطالما كانت مهمة حركة ويكيميديا دائمًا هي جلب وتوفير المعرفة الحرّة للجميع في العالم. ومع ذلك، نحن ندرك أن التطورات التكنولوجية الأخيرة – مثل التقّدم في الذكاء الاصطناعي، والتطبيقات الاجتماعية الجديدة، والأجهزة التي تتيح لنا التفاعل مع العالم الرقمي بطرقٍ جديدة – لها القدرة على تشكيل دور مشاريع ويكيميديا ضمن نظام المعلومات الأكبر. في حين تظلّ مَهمتنا كما كانت عليه عندما بدأت ويكيبيديا قبل أكثر من 20 عامًا، إلا أن أساليب وطرق تحقيق هذه المَهَمّة يجب أن تستمر في التطور.

لتحقيق ذلك، أنشأت مؤسسة ويكيميديا في العام الماضي مسارَ عملٍ جديد عرّفته باسم “جمهور المستقبل“، وهو عمل تعاوني بين الفرق المختلفة لاستكشاف كيف يمكننا الوصول إلى جمهور المستقبل من الباحثين عن المعرفة والمساهمين فيها.

لا يعمل برنامج “جمهور المستقبل” على بناء منتجات – بل يُطلق تجارب محدّدة زمنياً لتحديد فرص الابتكار المتاحة لمؤسسة ويكيميديا والتوصية بها. إذا أسفرت التجربة عن نتائج واعدة، فقد تحفّز مؤسسة ويكيميديا على الاستثمار على نحوٍ أكبر في المنتجات و/أو المناهج الجديدة لجذب وإشراك جماهير جديدة؛ وإذا لم تكن كذلك (كما كان الحال مع تجربتنا الأولى، وهي إضافة وصلة لـ تشات جي بي تي ChatGPT في ويكيبيديا – المزيد عن هذا الأمر أدناه)، فسنكون قد اكتسبنا رؤى قيمة، بسرعة ودون أثر كبير على مواردنا.

ما هي الاستكشافات التي أكملناها وما الذي تعلمناه حتى الآن؟

لقطة شاشة لإضافة ويكيبيديا التجريبية لـ تشات جي بي تي ChatGPT، اختُبِرت في الفترة من يوليو/تموز 2023 حتى يناير/كانون الثاني 2024.

1. الذكاء الاصطناعي التخاطبي: أكثر من مجرد روبوت محادثة

بدأنا العام بالأسئلة البحثية التالية حول تطورات الذكاء الاصطناعي التخاطبي:

  1. هل سيتحوّل الباحثون عن المعرفة عبر الإنترنت إلى تشات جي بي تي ChatGPT للحصول على المعلومات بدلاً من ويكيبيديا؟
  2. ما مدى جودة أداء الذكاء الاصطناعي التخاطبي بالبحث عن المعلومات وتلخيصها من ويكيبيديا؟

كانت تجربتنا الأولى لهذا العام هي بناء وصلة لإضافة تشات جي بي تي ChatGPT لويكيبيديا، والذي أتاح لمستخدمي تشات جي بي تي ChatGPT الحصول على إجابات عن أسئلة المعرفة العامة من ويكيبيديا تحديداً (بدلاً من البيانات العامة التي دُرّب البوت عليها). ساعدتنا نتائج هذه التجربة على تعلّم ما يلي:

  1. تشات جي بي تي ChatGPT ليس ويكيبيديا الجديدة – فويكيبيديا تظل مصدرًا مهمًا وموثوقًا به للمعلومات عبر الإنترنت. استنادًا إلى بيانات التدفق إلى ويكيبيديا على مدار العام، بالإضافة إلى بيانات الاستخدام وبيانات الاستطلاع من إضافة تشات جي بي تي ChatGPT التجريبية للموسوعة، استنتجنا أنه حتى لو بدأ مستهلكو المعرفة في استخدام بوتات دردشة الذكاء الاصطناعي مثل تشات جي بي تي ChatGPT للحصول على المعلومات، سيكون ذلك إلى جانب استخدام ويكيبيديا وليس بدلاً عنها. ذكر مستخدمو الإضافة أنهم ما زالوا يزورون ويكيبيديا مباشرةً وذكروا أنهم عندما علموا أن المعلومات التي يحصلون عليها من تشات جي بي تي ChatGPT مصدرها ويكيبيديا، كانوا يميلون إلى الثقة فيها أكثر.
  2. يمكن للذكاء الاصطناعي التخاطبي العثور على المحتوى وتلخيصه من ويكيبيديا بدقة عالية نسبيًا (وإن لم تكن مثالية). بينما يبدو أن الناس يكونون (بشكل مفهوم) حذرين ومتحفظين من الحصول على المعلومات من روبوتات المحادثة العامة مثل تشات جي بي تي ChatGPT، فإن العملية التي استخدمناها لإنشاء المكون الإضافي التجريبي (أي: استخدام الذكاء الاصطناعي للبحث بذكاءٍ أكبر عن المعلومات ذات الصلة في قاعدة المعرفة المحددة مثل ويكيبيديا وإرجاع ملخص للمستخدم، وهو ما يعرف بتقنية التوليد والإنتاج المعزز بالاسترجاع أو RAG) قدمت نتائج ذات جودة عالية نسبيًا، وإن لم تكن مثالية بأي حال من الأحوال.

هذا يقودنا إلى استنتاج أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قد يلعب دورًا مهمًا في مساعدة الجماهير المستقبلية على تصفح معارف ويكيبيديا بكفاءةٍ أكبر، ولكن بوتات الدردشة ليست بالضرورة الطريقة الوحيدة أو الأفضل لتحقيق هذا. قادتنا هذه النتائج أيضًا إلى تجربة جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي، وهي “الاقتباس مطلوب” (المزيد عن ذلك أدناه).

2. تطبيقات التواصل الاجتماعي القائمة على الشخصيات: هل هي جحر أرنب جديد لويكيبيديا؟

الويكيبيدية آني راوردا، التي بدأت سلسلة تيك توك رائجة عن الحساء الدائم، تلتقي بصانع حساء في بانكوك. الصورة: Annierau، رخصة CC BY-SA 4.0.

على الرغم من أن عام 2023 كان عام تشات جي بي تي ChatGPT، إلا أننا تعرفنا على توجّه آخر مهم في تقرير التوجهات الخارجية السنوي للعام الماضي: تفضيل الجمهور الأصغر سنًا للبحث عن المعلومات ليس من خلال الويب أو ويكيبيديا، ولكن من خلال تطبيقات التواصل الاجتماعي القائمة على الشخصيات مثل تيك توك TikTok و يوتيوب YouTube. قادتنا هذه الرؤية إلى الأسئلة البحثية التالية:

  1. هل يمكن أن يؤدي إعادة مزج محتوى ويكيبيديا إلى صيغ أكثر ودية وملائمة لتطبيقات التواصل الاجتماعي إلى جعل المعلومات أكثر جاذبية للجماهير الأصغر سنًا؟
  2. هل يوجد من يُنشيء محتوى على هذه التطبيقات مهتمون بمشاركة المعلومات الموثوقة والمحتوى الموثوق به من مشاريع ويكيميديا؟

من خلال البحث النوعي (استطلاعات الرأي، والمقابلات، ودراسات قابلية الاستخدام مع مستهلكي تطبيقات التواصل الاجتماعي ومنشئيها)، تعلمنا الآتي:

  • إن الجماهير الأصغر سناً أكثر تشككاً في المعلومات التي يرونها عبر الإنترنت، ويفضلون التعلّم من الأشخاص بدلاً من المواقع الالكترونية غير الشخصية. وفي حين أن شكل وطريقة تقديم وعرض المعلومات مهم بالتأكيد في جذب انتباههم (أي أنهم يميلون إلى تفضيل التجارب القصيرة الغنية بالوسائط على النصوص الطويلة، فإن من يقدم المحتوى أيضاً مهم جداً. يمكن أن تكون هذه فرصة لويكيبيديا لتقديم نفسها بشكل أكثر وضوحًا لهذه الجماهير كمجتمع من الأشخاص الذين يشتركون في الاهتمام بالمعرفة الموثوقة.
  • هناك مجتمع من منشئي المعرفة الذين يشاركون على تطبيقات مثل تيك توك TikTok حقائق وصور من مشاريع ويكيميديا، ويصلون إلى جمهور كبير. هؤلاء المبدعون مدفوعون بمشاركة المعرفة الموثوقة عن المواضيع التي يشعرون بشغف بها، ويعتمدون على ويكيبيديا كمصدر لإنتاج المحتوى. وعلى الرغم من أنهم غير مهتمين بالمساهمة المباشرة في مشاريعنا، إلا أن لدينا فرصة لاستكشاف كيفية جذبهم وإشراكهم لمساعدتنا في نشر المعرفة الحرة بطرق جديدة ومبتكرة، ودعوة المزيد من الشباب العالمي إلى حركتنا. 

ما هو توجّهنا بعد ذلك؟?

تجربة جديدة: “بحاجة لمصدر”

نظرا لتزايد خطر إغراق الفضاء الرقمي بالمعلومات المضللة، فإننا نستكشف ما إذا كان يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتسخير معرفة ويكيبيديا لمساعدة القراء على فهم موثوقية المعلومات التي يستهلكونها عبر الإنترنت.

بحاجة لمصدر” تجربة جديدة تهدف إلى تنفيذ مدلول اسمها بالضبط. من خلال إضافة تجريبية لمتصفح كروم Chrome، والذي يستخدم وظائف نموذج اللغة الكبيرة المتقدمة LLM، سيتمكن المستخدمون من مقارنة ما يقرؤونه عبر الإنترنت بسرعة مع محتوى ويكيبيديا. سيقدم الامتداد معلومات للمستخدمين حول ما إذا كانت الادّعاءات المحددة مدعومة بالمعلومات الموجودة على ويكيبيديا أو غير مدعومة بها، بما في ذلك عدد الاقتباسات المستخدمة في مقالة ويكيبيديا ذات صلة، وعدد المساهمين الذين عملوا عليها، وتاريخ آخر تحرير لها. كما هو الحال مع تجربتنا الأولى للذكاء الاصطناعي التوليدي، سنعمل أيضًا على تتبّع مدى جودة أداء الذكاء الاصطناعي في البحث عن المعلومات وتلخيصها من ويكيبيديا ضمن هذه الميزة. خلال الأشهر القليلة القادمة، ستكون خاصية “بحاجة لمصدر” متاحة للمستخدمين المهتمين باختبارها، وسنقيّم الاستخدام وملاحظات المستخدمين.

إذا كنت ترغب بمعرفة المزيد عن تجربة “بحاجة لمصدر”، يرجى زيارة صفحة المشروع على ميتا-ويكي لقراءة التفاصيل.

No comments

Comments are closed automatically after 21 days.